"من أجل التعايش الإنساني".. البحرين تستعد لاحتضان حوار بين الشرق والغرب
"من أجل التعايش الإنساني".. البحرين تستعد لاحتضان حوار بين الشرق والغرب
محلل سعودي لـ"جسور بوست": مواصلة الحوار وتعزيز الإخاء والتعايش ضرورة قصوى في ظل احتدام الصراعات بالعالم
وسط لحظة حاسمة من التناحر بالعالم، تستعد البحرين لإطلاق ملتقى بعنوان "حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني" بمشاركة بابا الفاتيكان فرنسيس، وشيخ الأزهر أحمد الطيب.
ووفق وكالة الأنباء البحرينية الرسمية، "يُقام الملتقى بتنظيم مجلس حكماء المسلمين، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ومركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، خلال يومي 3 و4 نوفمبر المقبل".
ومن المقرر أن يشارك في الملتقى أكثر من 200 شخصية من رموز وقادة وممثلي الأديان حول العالم، إضافة إلى شخصيات فكرية وإعلامية بارزة.
وبحسب المصدر ذاته، يأتي تنظيم الملتقى في إطار حرص البحرين على مد جـسـور الحـوار بـيـن قـادة الأديان والمذاهب ورمـوز الفكر والثقافة والإعلام.
ويأتي ذلك من خلال التعاون مع الأزهـر الشـريف، والكنيسة الكاثوليكيـة، ومجلس حكماء المسلمين (هيئة دولية مستقلة) وعدد من المؤسسات الدولية المعنية بالحوار والتعايش الإنساني والتسامح.
ويتضمن برنامج الملتقى عددًا من الجلسات أبرزها تعزيز التعايش العالمي والأخوة الإنسانية، ودور رجال وعلماء الأديان في معالجة تحديات العصر، وحوار الأديان وتحقيق السلم العالمي.
في السياق، قال مدير مكتب الاتصال التابع للفاتيكان ماتيو بروني، في بيان وفق الموقع الرسمي للفاتيكان، إن زيارة البابا فرنسيس للبحرين تأتي تلبية لدعوة من عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وأوضح البيان أن البابا فرنسيس سيزور المنامة للمشاركة في منتدى البحرين للحوار الذي يحمل شعار "الشرق والغرب من أجل تعايش إنساني".
وأعلنت مشيخة الأزهر في بيان، أن الشيخ أحمد الطيب سيتوجه إلى البحرين في 3 نوفمبر المقبل، بدعوة من الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وأوضح البيان، أن الزيارة تستمر عدة أيام، ويشارك الطيب خلالها في فعاليات ملتقى البحرين للحوار، برعاية وحضور العاهل البحريني، ومشاركة البابا فرنسيس وعدد من رموز وقادة الأديان.
الأخوة الإنسانية
وفي فبراير 2019، شهدت الإمارات إعلان الوثيقة المشتركة بين الأزهر والفاتيكان لمحاربة التطرف، بغرض فتح باب الحوار بين الأديان من الشرق والغرب.
وعقد آنذاك شيخ الأزهر أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرنسيس لقاءً تاريخيًا باسم "الأخوة الإنسانية" في أبوظبي، حيث وقعا بعد إلقاء كلمتيهما وثيقة "الأخوة الإنسانية".
وجاءت هذه الزيارة التاريخية تزامنا مع انعقاد المؤتمر العالمي للأخوّة الإنسانية، والذي نظمه مجلس حكماء المسلمين في أبوظبي، بحضور 700 شخصية من القيادات الفكرية وممثلي الأديان من مختلف دول العالم.
وناقش المؤتمر حينئذ 3 محاور رئيسية وهي: المسؤولية المشتركة لتحقيق الأخوة الإنسانية، والحوار من أجل التقدم السلمي، وسبل تحقيق تعاون أفضل يعزز من القيم المشتركة في المستقبل.
وكانت الإمارات أعلنت 2019 عاما للتسامح، إذ تحظى البلد العربي بتاريخ عريق من التعايش والتسامح بين الأديان وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
صيغة التعايش
بدوره، أشار الكاتب والمحلل السعودي البارز يوسف أحمد الحسن، إلى أهمية مواصلة الحوار بين مختلف الأديان والمذاهب للوصول إلى صيغة للتعايش المشترك، لا سيما في ظل احتدام الصراعات والحروب في العالم.
وأوضح “الحسن” في تصريح لـ"جسور بوست"، أن تعزيز التعاون والتعايش والإخاء يضمن حدا معقولا من السلام والأمن الدوليين، خاصة وأن الرؤية السليمة للتعايش تقوم على أساس وحدة الانتماء الإنساني رغم وجود التمايز والاختلاف.
وأضاف: "رغم التباعد الذي قد يظهر بين مختلف الأديان والمذاهب والتيارات الفكرية في العالم، إلا أنه توجد مجموعة من القيم التي يتوافق عليها الجميع بدرجة أو أخرى ولا يوجد اختلاف حولها".
وتابع: "بالطبع هناك اختلاف حول أهميتها أو المدى الحقيقي لتقمصها في الحياة الواقعية، إلا أنها تبقى ولو على الصعيد النظري أهم القيم التي أعلن عنها منذ نشأة البشرية على وجه الأرض".
وتابع الحسن: "من هذه القيم العدالة والمساواة في الأخوة الإنسانية والوفاء بالعهود والمواثيق ونبذ الحروب والقتل والعنف، والتعاون في الأمور المشتركة كالنواحي الاقتصادية والحفاظ على البيئة".
وتتفق الأديان أيضا في قيم إنسانية عليا مثل الصدق والكرم والإيثار والشجاعة والوفاء والمحبة والرحمة والأمانة، وبالتالي فإذا استطاع قادة الأديان الاتفاق على التسويق لهذه القيم على الصعيد الاجتماعي كل في محيطه الجغرافي، لكان العالم في وضع أفضل مما هو عليه اليوم.
ومجلس حكماء المسلمين هو هيئة دولية مستقلَّة، تأسس عام 2014 خلال ملتقى دولي لعلماء المسلمين في أبوظبي، يرأسها شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب.
ويضم في عضويته مجموعة من علماء الأمَّة الإسلاميَّة وخبرائها ووجهائها ممَّن يتَّسمون بالحكمة والعدالة والاستقلال والوسطيَّة؛ بهدف المساهمة في تعزيز السِّلم في المجتمعات المسلمة وغير المسلمة، وكسر حدَّة الاضطرابات والحروب والصراعات، والعمل على نشر وتعزيز قيم الحوار والتسامح والسلام والتعايش الإنساني.
ونظَّم المجلس لقاء الأخوَّة الإنسانية في أبوظبي عام 2019، الذي اختُتمَ بتوقيع شيخ الأزهر والبابا فرنسيس على وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية.